خلال جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة التي شملت المنطقة الشرقية و حائل والقصيم رعى افتتاح ووضع حجر الأساس للعديد من المشاريع الصناعية والتنموية العملاقة من بينها تدشين البنية الأساسية للمرحلة الأولى من الجبيل (2) والعديد من المشروعات التابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع والشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك وشركات القطاع الخاص. ومن المتوقع ان يتم تطوير الجبيل (2) على ثلاث مراحل تكتمل الأولى في عام 2008 وسوف تبلغ التكلفة الإجمالية لتطوير موقع الجبيل (2) التي أقيمت على مساحة 62 كيلو مترا ما يفوق 16 مليار ريال ومن المنتظر أن تجذب استثمارات تقدر ب240 مليار ريال كما ستوفر الجبيل (2) أكثر من 55 ألف فرصة عمل مباشرة و330الف فرصة عمل بصورة غير مباشرة، والجدير بالذكر بان شركة سابك قد تأسست عام (1976 م) بهدف استثمار الثروات الهيد كربونية والمعدنية وتحويلها إلى منتجات صناعية ذات قيمة مضافة عالية تسهم في تنوع مصادر الدخل الوطني وتشكل قاعدة لتطوير الصناعات التحويلية، وقد نجحت في تأسيس وتطوير وبناء18 مجمعا صناعيا داخل المملكة كما تملك شركة سابك الأوربية للبتروكيماويات مصانع ومراكز تقنية في هولندا وألمانيا، إلى جانب مشاركتها في ثلاثة مجمعات صناعية في مملكة البحرين برؤوس أموال خليجية مشتركة، كما وقعت عقدا قيمته مليار دولار للمشاركة مع شركة سينوبك الصينية التي تعتبر اكبر شركة لتكرير النفط واكبر منتج للبتروكيماويات في الصين التي احتلت المرتبة الأولى في استيراد منتجات سابك، هذا وتحتل سابك المرتبة العاشر ة من بين كبريات شركات البيتروكيماوية في العالم كما تعتبر اكبر شركة غير بترولية في منطقة الشرق الأوسط، وقد بلغت صادرات المملكة من الصناعات البتروكيماويات والصناعات التحويلية حوالي 70 مليار ريال في عام 2005وصدرت إلى 80 دولة، وقد نجحت سابك في توطين الكفاءات والأيدي العاملة السعودية الذين يمثلون 85% من مجموع العمالة لديها، ومن المقرر إطلاق أربع مدن اقتصادية جديدة أبرزها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي بدأت أعمالها في 30 ديسمبر 2005 ضمن مساحة 25 مليون متر مريع على ساحل بطول 35 كيلو متراً بالقرب من مدينة رابغ الصناعية ويعد الأكبر الذي ترخص له الهيئة العامة للاستثمار (وستتولى الإشراف عليه) في تاريخها إذ تبلغ قيمة المشروع والاستثمارات المنتظرة 27 مليار دولار (100 مليار ريال)وسيطرح 30% منها للاكتتاب العام، وتم تشكيل تجمع سعودي/ إماراتي بقيادة شركة إعمار الإماراتية وعسير السعودية ومشاركة العديد من الشركات السعودية ومنها مجموعة بن لادن وستقوم شركة إعمار العقارية بدور المطور الرئيسي لهذا المشروع الذي يعتبر اكبر مشروع لها خارج موطنها (الإمارات العربية)ويضم المشروع 6 مناطق رئيسية تتمثل في ميناء بحري عالمي، ومنطقة صناعية، ومنتجعات شاطئية، وجزيرة مالية، وثلاثة أحياء سكنية، ومدينة تعليمية، وستوفر المدينة 500الف فرصة عمل ومن المتوقع انتقال أول مجموعة من الشركات والسكان إلى المدينة في غضون 24- 36 شهرا.كما اختيرت أربع مناطق تشكل نقاط انطلاق لصناعات تصديرية للأسواق العالمية وهي حقل (شمال غرب المملكة) وجازان (جنوب) ورأس الزور (شرقا) وحائل (وسط الشمال) التي دشنها الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤخرا، والجدير بالذكر بان شركة ارامكو- السعودية قد وقعت عقدين لبناء مصفاتين لتكرير النفط الخام الثقيل سعة 400 ألف برميل لكل منهما مع شركة توتال الفرنسية في الجبيل وشركة كونكو فيليبس الامريكية في ينبع وبتكلفة6 مليارات دولار لكل منهما وسيبدأ تشغيل المصفاتين في عام 2009 . لقد وصل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية إلى حوالي 67 مليار ريال وفي مقدمة الدول المستثمرة تأتي الولايات المتحدة وحجم استثماراتها 29.7مليار ريال في 197 مشروعا تليها اليابان بحجم استثمارات يصل إلى 8.5 مليارات ريال في 29 مشروعا ودولة الإمارات 6.4 مليارات ريال في 71 مشروعا والكويت 2.8 مليار ريال في 100 مشروع إضافة إلى استثمارات أخرى أمريكية وأوربية 8.1 مليارات في 27 مشروعا غير ان هذه الاستثمارات لا تزال ضئيلة مقارنة بالإمكانيات الفعلية والمتاحة في المملكة، ومن المهم في هذا المجال التنويه إلى الدور الهام الذي يقوم به صندوق التنمية الصناعي الذي تأسس سنة 1394 برأسمال قدره 8 مليارات ريال، وقد أسهم الصندوق بتقديم قروض عددها 2650 قرضا باعتمادات بلغت في مجموعها 48.115 مليار ريال وقد زاد رأسمال الصندوق إلى 20 مليار ريال اعتبارا من العام المالي الحالي 1426/ 1427.ومع التأكيد على أهمية هذه الانجازات غير انه لا يزال هناك الكثير مما يتطلب القيام به على صعيد إنهاء الطابع الريعي والأحادي الجانب لاقتصادنا الوطني وخلق البيئة الاستثمارية الملائمة لتشجيع عودة الأموال السعودية من الخارج والمقدرة بحوالي تريليون دولار، و جذب الرساميل الأجنبية، وذلك من خلال تطوير وتفعيل التنظيمات والأنظمة والقوانين مثل المجلس الاقتصادي الأعلى و الهيئة العامة للاستثمار والمجلس الأعلى لشئون النفط والمعادن والهيئة العليا للسياحة وإعادة تنظيم سوق الأسهم خصوصا اثر الانهيار المريع الذي لحق بها والذي تضرر من جرائه ملاين المواطنين، وينبغي الاستفادة إلى أقصى حد من ميزة وجود البترول والغاز في توليد وخلق قيمة مضافة جديدة، وربطهما بمكونات الاقتصاد الوطني مثل الصناعات التحويلية والصناعات المعتمدة على الطاقة، ودعم تصنيع المنتجات النهائية، والعمل على توطين التكنولوجيا الرفيعة في هذا المجال . وفي هذا الإطار فان المملكة التي تملك أكثر من 25% من المخزون النفطي العالمي، وباعتبارها الدولة المنتجة الأولى لهذه السلعة الاستراتيجية هي قادرة على توظيف هذه الإمكانيات من اجل تحصين اقتصادها وتصويب مسيرتها التنموية وتلافي الأخطاء التي مرت بها في الفورة النفطية الأولى، وقبل كل شيء ينبغي التركيز على تطوير الموارد البشرية وتوطين التكنولوجيا وتطوير مراكز الأبحاث وتقنية المعلومات وربطها بالعملية الاقتصادية والتنموية من خلال تحديد مدخلات ومخرجات التعليم والسكان، والتأكيد على البعد الاجتماعي ومراعاة الحق في العمل والتعليم والصحة والسكن والضمان الاجتماعي والحياة الراقية الكريمة للرجال والنساء على حد سواء، وخصوصا مراعاة مستقبل الأجيال الجديدة (70 %من السكان السعوديين البالغ 20 مليون نسمة هم دون العشرين عاما) مع وجود ستة ملايين من العمالة الأجنبية التي تصل تحويلاتها السنوية إلى 12 مليار دولار. ومن المهم الحفاظ على جدوى وفاعلية قطاع الدولة مما يتطلب العمل على إزالة المعيقات الإدارية والبيروقراطية ومكافحة الفساد والتسيب المالي والإداري والاستناد إلى مبادئ الكفاءة والنزاهة وتعميم مخرجات التنمية بين كافة المناطق والاستفادة من الميزة النسبية لكل منطقة.